للإنسان حاجات وغرائز ملحة لضمان سعادته وبقائه على الحياة، مثل الحاجة إلى الطعام والشـراب والتناسل والشعور بالأمان والعيش ضمن جماعة ينتمي لها، وكل هذه الغرائز والحاجات يتحكم بها الدماغ بنظام معقد جداً سنتحدث عنه باختصار وتبسيط شديد.
هذا النظام المعقد يعتمد على الإشارات العصبية التي تتناقلها خلايا الدماغ بواسطة نواقل عصبية (مواد كيميائية تستعملها الخلايا العصبية لنقل الايعازات فيما بينها)، ومن بين أهم النواقل العصبية ناقل اسمه (الدوبامين)، فالدوبامين الذي يفرزه الدماغ هو الذي يدفعنا إلى النهوض من النوم وغسل وجوهنا وتناول الإفطار والتوجه إلى العمل والقيام بالواجبات واستمتاعنا بالحياة واستمرارنا بها.
يحتاج جسم الانسان إلى (0,5) ميكروغرام (الغرام يساوي مليون ميكروغرام) من الدوبامين لكل لتر من الدم ليقوم بواجباته الحياتية الطبيعية اليومية كحد أدنى، فإذا انخفضت هذه الكمية إلى (0,4) ميكروغرام فسيشعر الانسان بالتعاسة والإحباط وعدم الرغبة للقيام بأي عمل ولن يخرج إلى العمل ولن يستلذّ بأي شيء.
عندما يزداد إفراز الدماغ إلى الدوبامين ليصل إلى (1) ميكروغرام فإن الانسان سيشعر بالسعادة الغامرة والايجابية والاندفاع والراحة النفسية والاستقرار العاطفي.
فسبحان الخالق العظيم الذي خلق هذا الدماغ الذي ينقلنا بين التعاسة والسعادة بتغيير تركيز الدوبامين من 0,4 إلى 1 ميكروغرام في الليتر.
ما الذي تفعله المخدرات؟
المخدرات تقوم بفعلين متناقضين هما:
1- زيادة الدوبامين بشكل مؤقت.
2- تقليل استجابة الدماغ إلى الدوبامين.
فتعاطي جرعة من أي نوع من المخدرات ستزيد من كمية الدوبامين عدة أضعاف، فيحصل شعور بالنشوة عند المتعاطي، لتزول بعد ساعات لتترك أثراً سيئاً على الدماغ الذي سيخفض إفراز الدوبامين إلى (0,1) ميكروغرام (أقل من ربع المستوى الطبيعي) وحينها سيشعر المتعاطي بالكآبة والتعاسة والحزن والإحباط وعدم الرغبة بالحياة وملذاتها ولن يكون عنده قيمة لأي شيء حوله، وتتحول حياته إلى جحيم يريد التخلص منه بأي ثمن فلا يجد أمامه إلّا تعاطي جرعة أخرى من المخدرات.
لكن المشكلة أن الجرعة الجديدة ستحدث نشوة أقل من سابقتها بكثير فيضطر لزيادة كمية الجرعة في كل مرة يتعاطى فيها لتحقيق النشوة، ولكن بتكرار الجرعات لن يحصل على النشوة نفسها بل أقل منها فسيحاول عندها زيادة كمية الجرعات ليصل إلى الحالة الطبيعية قبل الإدمان فقط، فينتهي به المطاف إلى تناول جرعة كبيرة من المخدرات تكون قاتلة له، أو لا يجد المال لشـرائها فيضطر للسـرقة أو يرتكب الجرائم أو التنازل عن جسده للحصول على الجرعة التي يحتاجها فينتهي به الحال إلى فقدان أمواله وممتلكاته أو يصبح ضحية للدعارة والشذوذ الجنسي وربما فقد حياته في النهاية.